روائع مختارة | روضة الدعاة | السيرة النبوية | ما كان لنبي أن يخلع لأمته!!

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > روضة الدعاة > السيرة النبوية > ما كان لنبي أن يخلع لأمته!!


  ما كان لنبي أن يخلع لأمته!!
     عدد مرات المشاهدة: 3139        عدد مرات الإرسال: 0

نحن نقدم كل حين وآخر على خطوات في حياتنا وتنتابنا الحيرة.. أنفعلها أم لا، كثيرا ما نحدد خطواتنا ونرسم طريقا نسير عليه وعند أول عقبة في تلك الطريق نعود للخلف ونشعر من داخلنا بالتردد ونفكر في العودة لنبدأ من جديد في خطوة أخرى.

هذا يظهر في حياتنا بالعموم، سواء أكانت أسرية أو شخصية أو عملية، أو حتى في حياة الدعاة وطلاب العلم، فالكل ما يلبث أن يبدأ في سبيل أو طريق أو قرار حتى يتردد فيه، فيظل فترات طويلات لا يراوح مكانه الذي هو فيه نادما على كل ما فات، وهو القادر على الإنجاز وهو صاحب القدرات المتميزة... لكن داء التردد يقتله قتلا بطيئا.

إن التردد قاتل فتاك، وغادر محترف، يسلب النفس قواها بعد أن يستنزف منها وقتها وجهدها، وبعدما تبرق في عينها الآمال العاليات والطموحات النافذات، فإذا به يصيبها بالخور والقعود والخوف والجبن عن الفعل والأداء، إنه مرض لا علاج له إلا العزم والقطع والتوكل على الله سبحانه، وفي الحديث الثابت دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: «اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن وأعوذ بك من العجز والكسل» أخرجه البخاري.

هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة احد كان يميل إلى عدم الخروج لملاقاة المشركين خارج المدينة، غير إن شباب الصحابة أخذتهم الحماسة وأرادوا الخروج لملاقاتهم وكان رأي الأغلبية على الخروج لهم فوافق الرسول صلى الله عليه وسلم ولبس لامة الحرب وأعد عدته فلما رأى الصحابة النبي الكريم غير منشرح للاقتراح أرادوا العدول عن رأيهم إرضاء له لكنه صلى الله عليه وسلم كان قراره بلا رجعة حين قال: «ما كان لنبي إذا لبس لأمته للحرب أن يخلعها حتى يحكم الله بينه وبين عدوه».

النبي صلى الله عليه وسلم هنا يضرب لنا منهجا يحتذي في اتخاذ القرار وهو الحسم إذ إن الرجوع عن القرار ربما يكون اخطر من اتخاذ قرار خاطئ، حيث إن التذبذب يقطع على المرء كل وسيلة في الإقدام ويجعله صيدا ثمينا للعدو بضياع وجهته وهدفه.

وليس من العيب أن يتراجع المرء إذا علم انه على خطأ أو ظهر له جديد إضافة إلى استنتاجات وحسابات كانت غائبة أو خفية عنه فتلك قد تكون حكمة منه لكن الذي نلقى عليه الضوء التذبذب دون مبرر.

لقد علمنا رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم من تلك الكلمات أن نتصف بالشجاعة في الإقبال على الأمور، لكن جعل لتلك الشجاعة ضوابط، أهمها كونها شجاعة تنافي التهور، كذلك فهي شجاعة تنافي الإقدام على ارتكاب المخاطر لحب وميل مدح من حولنا.

فالواجب إذن على المرء أن يكون معتدلا في التفكير فلا يصل إلى حد التهور وعدم النظر في العواقب، ولا يصل إلى شدة الحسابات في هذه العواقب حتى يحجم ويتردد.

وتردد المرء في الأمور والمواقف قد يعود على صاحبة بكثير من السلبيات منها:

1- أنه لن يتقدم خطوة إلى الأمام بسبب خوفه من الخسائر.

2- سوف يجد من حوله دائما للأمام وهو ما زال ثابتا في مكانة مما يجعله حزينا من قلبه يائسا.

3- تردد الإنسان في اتخاذ قراراته يعرضه للكثير من فقدان آماله وطموحاته ويفوت عليه الفرص.

4- التردد يجعل الإنسان تائها وفي حيرة فاقدا التركيز في التفكير.

5- يقع في الفشل لأن من أراد تجنب إشكالية الفشل فليدرس القرار ثم ليجرب فالفشل حتى وإن وقع فسوف يتبعه نجاح إن ثابرت وصبرت.

6- المؤمن لابد أن يشعر بالخير دائما متفائل بأن الله سوف ينعم عليه فالتردد عكس هذا الشعور.

7- تسلط المخاوف والشكوك التي هي ألد أعدائنا علينا فهي التي تقف دوننا وبلوغ الثمار.

وبالعموم لدينا مراحل عامة وخطوط عريضة لابد من اعتبارها قبل اتخاذ القرار، فالأولى، تحديد الهدف بوضوح، والثانية: التفكير بأكبر عدد ممكن من الاحتمالات والإمكانيات، والثالثة: فحص الحقائق والرابعة: التفكير في الايجابيات والسلبيات.

أما تفصيل الخطوات فهي كالتالي:

1- الاستعانة بالله عز وجل مع تمام الثقة به سبحانه.

2- أن ندعو الله سبحانه أن يدبر لنا لأننا نحن الضعفاء الفقراء إليه فمن دونه لا نحسن التدبير.

3- أن نزيد يقينا وتقوى لله عز وجل لأنه من يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب.

4- التوكل على الله سبحانه فهي صفة من صفات المؤمن وليس ذلك في اتخاذ القرار فقط بل في كل جوانب حياته لقوله تعالى: {فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين} فنص سبحانه على التوكل الذي هو أساس التوفيق لتحصيل المقاصد فالإنسان لابد أن يقوم بما عليه ثم يترك أمره كله على الله سبحانه.

5- علينا بعد إعداد النفس وتهيئتها من الداخل ووصال عبوديتها لخالقها أن نقوم باستشارة الخبراء من الناس ذوي العلم والتجربة.

6- ثم بعد ذلك علينا بالاستخارة لاتخاذ ذلك القرار أو سلوك ذلك الطريق جاهدين في الإخلاص فيه، ثم على الإنسان ألا يندم على أي أمر استخار فيه العليم علام الغيوب فإنه سبحانه يعلم ما لا نعلم.

7- وعلينا استشعار الرضي والقناعة بما يسره الله تعالى لنا فإن أقدمنا على خطوة فلنعلم بكل يقين أن ذلك تقدير الله سبحانه وذلك اختياره ونستشعر معنى الحديث: «واعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك»، فلنعمق من داخلنا إيماننا بأقدار الله تعالى بتلك الخطوات.

8- علينا أن نعلم قبل الإقدام على أي مشروع أن المعيار ليس هو دائما النجاح في الأعمال وإن كان هذا مهما لكن خوض التجربة ثم الاستفادة منها كذلك هو من أهداف الحياة فكما أن النجاح وارد فإن الخسارة واردة فلا نخاف من الخسارة خوفا يقعدنا عن التجربة خصوصا إذا لم تكن علامات الخسارة ظاهرة قبل البدء.

9- قد يكون التردد سببه في بعض الأحيان الخجل، لذلك فالخروج من حالة التردد هذه تحتاج إلى شيء من الوقت والتدريب وذلك بتدريب أنفسنا على المبادرة، وأيضا قد تكون عدم كفاية المعلومات، أو نقص في الثقافة والخبرة والتجربة فعلينا ألا نتسرع في اتخاذ قرارا ما، حيث أن المبادرة والإسراع في اتخاذ القرار ليس شيئا إيجابيا فقد نحتاج إلى دراسة الأمر دراسة مستوعبة حتى لا نقع ضحية العجلة، وقد ورد في الأثر: (من فكر قبل العمل كثر صوابه) لذلك نؤكد هاهنا على مشاورة أهل الخبرة فما خاب من استشار وأيضا مشاورة أهل العلم والحكمة والصالحين ومن تعرف عنهم الإخلاص والصدق ثم تختار اقرب الأمرين إلى قلبك.

10- كذلك علينا أيضا إتباع الأسلوب الصحيح في التعامل مع أنفسنا فلابد من التفكير بالأسلوب العلمي البعيد عن العاطفة وندرس الآثار المترتبة على اتخاذ القرار سواء كان سلبا أو إيجابا والموازنة بين المصالح والمفاسد حتى نحسم الإقدام أو الإحجام.

11- ينبغي كذلك أن ننزل الأمر منزلته فليس التفكير في الأمر العادي اليسير كالتفكير في الأمر الجليل الخطير المصيري فالأمر العادي يحتاج إلى تدريب الإنسان نفسه على اتخاذ القرار السريع مع حكمته في حسن التصرف لكن الأمور الجليلة والتي لها أثر وضرر فهذه التي يجب أن نعطيها حقها في التدبر بشرط ألا يكون ذلك التدبر أكثر من الحد فالتريث يصبح سلبيا إن زاد عن حده في أمور لا تتحمل ذلك وهذا ما ينعكس على شخصيتنا ويضعفها.

وفي النهاية علينا أن نشكر الله تعالى إن وفقنا لأمر نريده ونزيد له الشكر إن حدث غير ما نريد، فلنحمد الله تعالى ونعلم من داخلنا ونستشعر بقوله تعالى: {وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون} إذن في كل الحالات ينبغي لا تهتز قلوب المؤمنين سلبا أو تأثرا.

وبالعموم فهي الدنيا نحياها، ويتسابق الناس فيها على الأرزاق برغم أنها قد كفلت لهم، تمنينا كثيرا أن يكون ذلك التسابق على الطاعة والعبادة كما نبه القرآن الكريم، لذلك فلنهتم في الممارسة بمعاني حب الخير للآخرين وحب النجاح لهم والدعاء لهم بالتوفيق.

الكاتب: أميمة الجابر.

المصدر: موقع المسلم.